أهميّة معرفة النســـب
ـ الحمد لله الذي له العزّة و الجبروت ، و بيده الملك و الملكوت ، و له الأسماء الحسنى و النعوت ،العالِم فلا يعزب عنه ما تظهره النجوى أو يخفيه السكوت ، القادر فلا يعجزه شيء في السماوات و الأرض و لا يفوت .
أمّا بعد يقول الله تعالى :
ِبسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {13}صدق الله العظيم سورة الحجرات
يقول العلامة المفسّر إسماعيل بن كثير ، في معرض تفسيره لهذه الآية الكريمة ما يلي : يقول تعالى مخبراً للناس : أنّه خلقهم من نفس واحدة ، و جعل منها زوجها ، و هما آدم و حواء ، و جعلهم شعوباً ، و هي أعمّ من القبائل ، و بعد القبائل مراتب أخر ، كالفصائل و العشائر و العمائر و الأفخاذ و غير ذلك ، و قيل المراد بالشعوب بطون العجم ، و بالقبائل بطون العرب ، كما أنّ الأسباط بطون بني إسرائيل ، و قد لخّصت هذا في مقدمة مفردة جمعتها في كتاب ( القصد و الأمم في معرفة أنساب العرب و العجم ) ، فجميع الناس في الشرف بالنسبة الطينية إلى آدم و حواء عليهما السلام سواء ، و إنّما يتفاضلون بالأمور الدينية ، و هي طاعة الله تعالى و متابعة رسول الله صلى الله عليه و سلّم .....
قال النبي صلى الله عليه و سلّم : " تعلّموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ، فإنّ صلة الرحم محبّة في الأهل ، مثراة في المال ، منسأة في الأثر ."
و يقول العلامة ابن خلدون في هذا الموضوع ما يلي :
العلامة عبد الرحمن بن خلدون
في أن العصبية إنما تكون
من الالتحام بالنسب أو ما في معناه .
وذلك أنّ صِلة الرحم طبيعي في البشر إلا في الأقل ، ومن صلتها النعرة على ذوي القربى ولأهل الأرحام أن ينالهم ضيم أو تصيبهم هلكة . فإنّ القريب يجد في نفسه غضاضة من ظلم قريبه أو العداء عليه ، ويودُّ أن يحول بينه و بين ما يصله من المعاطب والمهالك ، نزعة طبيعية في البشر مذ كانوا . فإذا كان النسب المتواصل بين المتناصرين قريبا جدًّا بحيث حصل به الاتحاد والالتحام كانت الوصلة ظاهرة , فاستدعت ذلك بمجرّدها و وضوحها . وإذا بعد النسب بعض الشيء فربما تُنوسي بعضها ، ويبقى منها شُهرة فتحمل على النصرة لذوي نسبه بالأمر المشهور منه ، فرارا من الغضاضة التي يتوهّمها في نفسه من ظلم مَن هو منسوب إليه بوجه . ومن هذا الباب الولاء والحلف إذ نُعرة كل أحد على أهل ولائه وحلفه للأنَفة التي تلحق النفس من اهتضام جارها أو قريبها أو نسيبها بوجه من وجوه النسب ، وذلك لأجل اللحمة الحاصلة من الولاء مثل لحمة النسب أو قريبا منها . ومن هذا تفهم معنى قوله صلى الله عليه وسلم : " تعلّموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم " بمعنى أن النسب إنما فائدته هذا الالتحام الذي يوجب صلة الأرحام حتى تقع المناصرة والنُعرة وما فوق ذلك مستغنى عنه ، إذ النسب أمر وهمي لا حقيقة له . ونفعه إنما هو في هذه الوُصلة والالتحام . فإذا كان واضحًا ظاهرًا حمل النفوس على طبيعتها من النعرة كما قلناه . وإذا كان إنما يستفاد من الخبر البعيد ضَعُفَ فيه الوهم وذهبت فيه فائدته وصار الشغل به مجانا من أعمال اللهو المنهي عنه ، ومن هذا الاعتبار معنى قولهم : النسب علم لا ينفع و جهالة لا تضرّ ، بمعنى أن النسب إذا خرج عن الوضوح وصار من قبيل العلوم ذهبت فائدة الوهم فيه عن النفس ، وانتفت النعرة التي تحمل عليها العصبية فلا منفعة فيه حينئذ . والله سبحانه وتعالى أعلم .
المرجع :/ مقدّمة ابن خلدون ـ في أنّ العصبية إنما تكون من الالتحام بالنسب أو ما في معناه .
أمّا بعد يقول الله تعالى :
ِبسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {13}صدق الله العظيم سورة الحجرات
يقول العلامة المفسّر إسماعيل بن كثير ، في معرض تفسيره لهذه الآية الكريمة ما يلي : يقول تعالى مخبراً للناس : أنّه خلقهم من نفس واحدة ، و جعل منها زوجها ، و هما آدم و حواء ، و جعلهم شعوباً ، و هي أعمّ من القبائل ، و بعد القبائل مراتب أخر ، كالفصائل و العشائر و العمائر و الأفخاذ و غير ذلك ، و قيل المراد بالشعوب بطون العجم ، و بالقبائل بطون العرب ، كما أنّ الأسباط بطون بني إسرائيل ، و قد لخّصت هذا في مقدمة مفردة جمعتها في كتاب ( القصد و الأمم في معرفة أنساب العرب و العجم ) ، فجميع الناس في الشرف بالنسبة الطينية إلى آدم و حواء عليهما السلام سواء ، و إنّما يتفاضلون بالأمور الدينية ، و هي طاعة الله تعالى و متابعة رسول الله صلى الله عليه و سلّم .....
قال النبي صلى الله عليه و سلّم : " تعلّموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ، فإنّ صلة الرحم محبّة في الأهل ، مثراة في المال ، منسأة في الأثر ."
و يقول العلامة ابن خلدون في هذا الموضوع ما يلي :
العلامة عبد الرحمن بن خلدون
في أن العصبية إنما تكون
من الالتحام بالنسب أو ما في معناه .
وذلك أنّ صِلة الرحم طبيعي في البشر إلا في الأقل ، ومن صلتها النعرة على ذوي القربى ولأهل الأرحام أن ينالهم ضيم أو تصيبهم هلكة . فإنّ القريب يجد في نفسه غضاضة من ظلم قريبه أو العداء عليه ، ويودُّ أن يحول بينه و بين ما يصله من المعاطب والمهالك ، نزعة طبيعية في البشر مذ كانوا . فإذا كان النسب المتواصل بين المتناصرين قريبا جدًّا بحيث حصل به الاتحاد والالتحام كانت الوصلة ظاهرة , فاستدعت ذلك بمجرّدها و وضوحها . وإذا بعد النسب بعض الشيء فربما تُنوسي بعضها ، ويبقى منها شُهرة فتحمل على النصرة لذوي نسبه بالأمر المشهور منه ، فرارا من الغضاضة التي يتوهّمها في نفسه من ظلم مَن هو منسوب إليه بوجه . ومن هذا الباب الولاء والحلف إذ نُعرة كل أحد على أهل ولائه وحلفه للأنَفة التي تلحق النفس من اهتضام جارها أو قريبها أو نسيبها بوجه من وجوه النسب ، وذلك لأجل اللحمة الحاصلة من الولاء مثل لحمة النسب أو قريبا منها . ومن هذا تفهم معنى قوله صلى الله عليه وسلم : " تعلّموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم " بمعنى أن النسب إنما فائدته هذا الالتحام الذي يوجب صلة الأرحام حتى تقع المناصرة والنُعرة وما فوق ذلك مستغنى عنه ، إذ النسب أمر وهمي لا حقيقة له . ونفعه إنما هو في هذه الوُصلة والالتحام . فإذا كان واضحًا ظاهرًا حمل النفوس على طبيعتها من النعرة كما قلناه . وإذا كان إنما يستفاد من الخبر البعيد ضَعُفَ فيه الوهم وذهبت فيه فائدته وصار الشغل به مجانا من أعمال اللهو المنهي عنه ، ومن هذا الاعتبار معنى قولهم : النسب علم لا ينفع و جهالة لا تضرّ ، بمعنى أن النسب إذا خرج عن الوضوح وصار من قبيل العلوم ذهبت فائدة الوهم فيه عن النفس ، وانتفت النعرة التي تحمل عليها العصبية فلا منفعة فيه حينئذ . والله سبحانه وتعالى أعلم .
المرجع :/ مقدّمة ابن خلدون ـ في أنّ العصبية إنما تكون من الالتحام بالنسب أو ما في معناه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق